“أعطني طفلاً إلى أن يصبح عمره 7 سنوات وسأخبرك بالرجل الذي سيكون عليه في المستقبل” هذه كانت عبارة أرسطو ليعبر عن مدى أهمية أول 7 سنوات في تكوين شخصية الإنسان.
جزء كبير مما نعاني منه عندما نكبر هو نتيجة لما تخزن في عقلنا في السنوات المبكرة من حياتنا، تعددت و اختلفت الأبحاث التي تتحدث عن مدى أهمية أول 7 سنوات في تركيب شخصية الإنسان.
بعض الدراسات أثبتت أن بالفعل أول 7 إلى 9 سنوات من عمر الطفل تلعب دور كبير في تحديد وتكوين شخصيته بعد ذلك وتحدد بنسبة 95% طريقة تفكيره طوال حياته بينما أقرت أبحاث أخرى بمدى أهمية السنوات المبكرة ولكنها لم تكن دقيقة فيما يخص تكوين شخصية الطفل وطريقة تفكيره السنوات القادمة، و أشارت أيضاً إلى أن هذا يتعلق بتركيبة العقل الواعي و العقل الباطن(الاواعي) لدى الطفل.
العقل الباطن عامة سواء في عقل الطفل أو البالغ يتقبل ما يطبع داخله أو ما يؤمن به العقل الواعي، لا يمنطق الأشياء ولا يجادل، فهو أشبه بالتربة و الأفكار بالبذور؛ ما تزرعه فيه يكبر و ينمو سواء كان صالح أو فاسد، و بالطبع ستجني ثمار ما زرعته أما العقل الواعي فهو العقل المفكر القادر على التحليل و المنطق في اتخاذ القرارات من أبسطها إلى أعقدها استنادً على الخبرات التي تكتسبها من الحياة، هو الحارس الذي يقرر ما سيُزرع في العقل الباطن.
في مرحلة الطفولة لا يكون العقل المفكر قادر على التحليل و التفكير بالمنطق ليفرق بين ما هو جيد أو سيء؛ لأنه يعمل بناءً على تجارب الإنسان و بالطبع الطفل لا يكون لديه أى خبرات، في نفس الوقت يكون العقل الباطن يجمع كل البذور(الأفكار) الجيدة والسيئة و يزرعها بدون وجود أى شيء يمنعه من فعل ذلك.
لابد أنك تقول الآن لا بأس سأكون حذراً في ما سأقوله لطفلي حتى يبلغ، و سأحرص على زرع الأفكار الإيجابية فقط في عقله، ولكن يؤسفنىي أن أخبرك أن الأفكار التي تزرع في عقل الطفل ليست فقط التي تزرعها أنت عن قصد.
الطفل لا يخزن في عقله الباطن المعلومات المباشرة التي تعطيها له فقط، ولكنه يلاحظ و يسجل أيضاً كل ما يراه وهذا في
غاية الأهمية و الخطورة؛ لأن عقله الواعي يفتقد المنطق لذلك سيفسر ما يراه بشكل خاطئ و هذا الذي سيطبع في عقله
الباطن للأبد.
مثال على ذلك
عندما يرى الطفل والديه يتشاجران و يعيش في بيئة مضطربة في المنزل، هذا يُخزن في عقله على أن العائلة شيء سيء وأن تكون طفلاً في عائلة تتشاجر شيء أسوأ؛ بالتالي عندما يكبر و يصبح شاباً، ستكون لديه مشكلة مع فكرة الزواج لأن المرجع المخزن عنده عن العائلة سيء، مهما كبر ونضج عقله و شاهد العديد من الزيجات و العائلات الناجحة حوله، سيظل هذا الشعور و الفكرة السيئة عن العائلة مخزنة في عقله الباطن؛ سيظن أنه غير قادر على تكوين أسرة سعيدة.
وأيضاً إذا استمريت في تذكيره بكم هو غبي و فاشل و أنه مهما حاول لن يستطيع الوصول إلى أي شيء أو تحقيق أي
نجاح، سيظل صوتك يتردد في عقله حتى عندما يكبر و تتوقف أنت عن إخباره بهذا الشيء؛ لأنه سيبدأ هو بإخبار نفسه بأنه
لا يستطيع و أنه مهما حاول لن يصل لأنه فاشل، ببساطة لأن هذا ما تبرمج عليه عقله ومن برمج عقله أن يخبره هذا الشيء
هو أنت.
بالطبع أغلب الآباء يفعلوا هذه الأشياء و يقولوا هذا الكلام الجارح لأبنائهم بدافع التحفيز و الحب؛ فأي آباء يريدون أن
يصل أبنهائهم لأعلى المراتب، و لكن للأسف يستخدمون الأسلوب الخاطيء للوصول لهذا؛ مما يجلب نتائج عكسية و مدمرة
تماماً.
دورك أنت كأب لا ينتهي عند توفير المال، و دورك أنتِ كأم لا يقتصر على تنظيف ملابسه و إطعامه و غيره، هناك جانب
آخر يهمله المعظم و هو الجانب النفسي للطفل، الطفل يريد أن يشعر بالحب و الاهتمام من الطرفين لابد أن يحس بالرعاية و الاهتمام منكم، يجب أن تتحدثوا مع طفلكم، وتكونوا علاقة وثيقة معه وتدعموه معنوياً بدايةً من أبسط مشاكله و هو طفل إلى أصعب مشاكله بعد أن يشب و يكبر.
ببساطة طفلكم يكون مثل الورقة البيضاء و القلم يكون في أيديكم احرصوا على ما ستكتبوه؛ لأن سيكون من الصعب جداً
تعديله عند الكبر، بالطبع ليس مستحيلاً و لكنه صعباً، وسيكلفه الكثير من الوقت و الجهد؛ لذلك احرصوا على إعداده جيداً
إلى أن يكبر ويصل إلى مرحلة تسلم قلم حياته ليكمل هو الكتابة وتكون شخصية الإنسان هذا نتاج طفولته.
لقراءة مقال”التوحد مرض أم اضطراب” اضغط هنا
جميع الحقوق محفوظة
[…] لقراءة مقال “أهمية السبع سنوات الأولى في تكوين شخصية الإنسان” اضغط هنا […]